انطلاق برنامج فعاليات المؤتمر الدولي للتعليم العالي بالرياض في يومه الأول
استهلّ المؤتمر الدولي للتعليم العالي برنامجه اليوم الأربعاء بالجلسة الأولى بعنوان: (الطريق إلى الريادة: تحويل الجامعات إلى مؤسسات عملاقة)، أدارها مدير مركز التعليم العالي الدولي بكلية بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية الدكتور فيليب الباخ، وتحدث فيها كلّ من: خبير التعليم الجامعي بالولايات المتحدة الأمريكية الدكتور جميل سالمي، ورئيس جامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية الدكتور مايكل كرو، ورئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة الدكتور جان لو شاميو، و مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد السلطان.
وتناولت الجلسة حاجة الجامعات إلى أنظمة تفصيلية متخصّصة للوصول إلى مؤسسات بحثية قوية تسهم في توفير اقتصاد معرفي، حيث أوضح الدكتور جميل سالمي أن الجامعات السعودية أحرزت تقدّماً كبيراً على مستوى الأبحاث العلمية، وقدّمت منحاً كثيرة لطلابها وطالباتها للتعلّم في الخارج عن طريق برنامج الابتعاث الخارجي، وهي تحظى بنسب جيدة من الأبحاث العلمية المتخصصة، مطالباً في الوقت نفسه بزيادة هذه المساحة العلمية؛ سعياً للتوصل إلى جامعات مختلفة. من جانبه أكّد الدكتور مايكل كرو اطّلاعه على تفاصيل رؤية المملكة 2030، التي تقضي بإعادة التشكيلات الاقتصادية والثقافية والتعليمية في المملكة على نحوٍ يدفع تلك المؤسسات إلى الاستفادة من التحولات نحو الاقتصاد المعرفي. وتطرّق مايكل إلى ضرورة وجود تصنيفات عالمية للمؤسسات التعليمية، خصوصاً الجامعات، موضحاً أن المملكة تتوجّه إلى إعادة صياغة هويات الجامعات الحكومية والخاصة، خصوصاً في الجوانب المالية والإدارية، مشيراً إلى أن هذه الهيكلة التي كشف عنها وزير التعليم خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، وهي استقلالية الجامعات، ستقود إلى تحقيق نتائج ملموسة تحقّق نقلةً متطورةً لهذه الجامعات في المناهج المتعددة والتخصصات التي تسهم في عملية الابتكار، داعياً إلى توفير نموذج يسمح لها بالسير في هذا الاتجاه، وألا تركّز الجامعات السعودية على التصنيفات الأكاديمية، بل ينبغي أن تأخذ لها موقعاً ريادياً، وتنشئ شبكات للتفكير لإيجاد حلول وابتكارات نوعية لبناء اقتصاديات غير نفطية.
وأشار الدكتور خالد السلطان بدوره إلى التحوّل الذي طرأ على الجامعات السعودية، من حيث أعداد الطلاب والطالبات في الوقت الحالي، مؤكداً أن أكثر ما يواجه هذه الجامعات هو تحقيق الجودة. وأضاف السلطان أن الوصول إلى جامعات عملاقة يتطلب التعامل مع رؤية 2030 بشكل مقتدر، وأخذ الأوضاع الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل في الحسبان، إضافةً إلى هيكلة إدارة الجامعات، مشيراً إلى أن تركيز الجامعات على المجالات البحثية فقط يصرفها عن أهدافها الأخرى، وأنه لابد من التركيز على معالجة مشكلة التمويل، وتطوير أعضاء هيئة التدريس، والاستفادة منهم في الأبحاث العلمية بالجامعات. ودعا الدكتور جان لو شاميو إلى إجراء عملية تقاربية بين المجتمع والجامعات، قائلاً: استطعنا دمج تخصّصات الهندسة والعلوم، وهو ما يفيدنا على أرض الواقع، وأطالب الجامعات التي ترغب في الوصول إلى الريادة في أعمالها بتشكيل مجالس استشارية من أعضاء هيئة التدريس والخبراء ورجال الأعمال.
وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان (ردم الفجوة بين الجامعات وسوق العمل: اكتساب المهارات والقدرات الجديدة للتوظيف في القرن 21)، وترأسها عميد كلية الفيزياء التطبيقية في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية البروفيسور إريك مازور، الذي أكّد في بداية الجلسة أن ردم الفجوة بين الجامعات وسوق العمل هي المهمة الأولى في سياق الجامعات الحديثة، وأن الجامعات هي المحرك للمجتمعات، ومهمتها الأولى هي إعداد الخريجين لسوق العمل، وتطوير المهارات المناسبة للحياة في القرن الـ21.
وأشار رئيس جامعة ووترلو في كندا البروفيسور فريدن حمد الله بور في بداية الجلسة إلى أنه خلال الربع الأخير صنِّفت جامعة ووترلو من أفضل الجامعات على مستوى العالم، لكننا ظللنا منشغلين بتطبيقات جديدة لتنمية قدرات طلابنا، ونحن لدينا قناعة حالياً بأننا بحاجة إلى استيعاب كيفية إدماج عالمنا في الدراسة، مؤكّداً أهمية الابتكار، وأن عنصر التعدد في الاختصاص أصبح أمراً أساسياً، وأنه لدينا إيمان راسخ في جامعة ووترلو بأن الأساتذة العظام هم من يخلقون التحول الأكبر في حياة طلابهم، ويجب علينا أن نعلّم طلابنا ألا يصابوا بالإحباط إذا أخفقوا مرة أو مرتين في حياتهم العملية؛ لأن الإخفاق ربما يكون هو الطريق الوحيد المؤدي إلى النجاح؛ إذ يقول منشئ تويتر إنه أخفق 8 مرات قبل أن يصل إلى النجاح في المرة التاسعة؛ فما دمت تتعلم من إخفاقك فلا بأس من ذلك، هذه هي الثقافة التي نريد أن نغرسها في طلابنا .
من جانبها، لفتت نائبة رئيس الجامعة للابتكارات في التعليم الجامعي بجامعة تورنتو في كندا الدكتورة سوزان ماكهان الانتباه إلى أن جامعة تورنتو تخرّج أكثر من 70 ألف خريج سنوياً، وأن موضوع ردم الفجوة بين التعليم وسوق العمل هو محلّ اهتمام الحكومة الكندية والمقاطعة وكثير من الهيئات والمؤسسات التعليمية والتدريبية في كندا والعالم.
وأبانت ماكهان أن الدرجات الجامعية ما هي إلا بداية لذلك؛ فلابد أن يكون الطالب قادراً على الاختيار بين أكثر من عشرة أعمال يجيدها، وليس عملاً واحداً. ولفتت نائبة رئيس جامعة تورنتو إلى أن أحد أكبر عوامل التعليم تكمن في الطلاب أنفسهم؛ فتمكين الطالب من التعبير عن نفسه هو الطريق لتطور العملية التعليمية، مع وجود توجيه حكيم ومؤثّر من أساتذته.
من جهته أوضح الرئيس الفخري لجامعة خرونينجن بهولندا إيملر ستيركان أن تطور سوق العمل بشكل مستمر يؤدي إلى وقوع الطلاب في مواجهة أسواق غير مستقرة، مشيراً إلى أن دور الجامعة يقع وسيطاً بين الطالب وسوق العمل، مستعرضاً تجربة جامعة خرونينجن في محاولة الجمع بين الطلاب والخريجين للحديث عن طبيعة سوق العمل ومتطلباته. بدوره أكد مدير جامعة الأمير سلطان الدكتور أحمد اليماني أن المهارات الفنية قد تجعلك تجتاز مقابلة العمل، أما المهارات الشاملة فهي التي تساعدك على الاحتفاظ بعملك، وفي معرض حديثه عن تجربة جامعة الأمير سلطان بخصوص ردم الفجوة بين الجامعات وسوق العمل، أشار اليماني إلى أن نحو 60-70% من طلاب جامعة الأمير سلطان يحصلون على عروض عمل قبل تخرّجهم؛ فالجامعة انطلقت من منظور رؤية 2030 التي تركز بشكل أكبر على تنمية الموارد البشرية، ساعيةً إلى تحرير الاقتصاد السعودي من الاعتماد على سلعة تتقلّب أسعارها إلى الاعتماد على العنصر البشري المؤهل والمدرّب لخوض غمار أسواق العمل المختلفة. وأفاد اليماني أن الجامعة تدرّب طلابها على مدى أكثر من 7 أشهر على المهارات المختلفة لتحقيق الاحتكاك العملي للطلاب، لافتاً إلى أن الجامعة لا تقتصر على تدريب طلابها قبل التخرج فحسب، بل لديها برنامج للخريجين تركّز فيه على الخريجين الذين تخرّجوا من الجامعة، ولم يجدوا فرصة عمل، فتقوم الجامعة بتدريبهم وتأهيلهم، وهو ما يساعدهم بشكل كبير على الحصول على وظيفة. وتمنّى مدير جامعة الأمير سلطان في ختام كلمته أن يتم تعميم تلك التجربة الرائدة للجامعة في عدد آخر من الجامعات والمؤسسات في المملكة وخارجها.