القطاع الثالث

د. الحسين لــ(أكثر): دخول التحول التعليمي بالمعايير القديمة لن يحقق لنا التقدم المطلوب

أكد الدكتور أحمد بن محمد الحسين، أستاذ المناهج وتطوير التعليم المشارك، أمين لجنة عمداء التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في الجامعات السعودية، أن ثمة فوائد عدة يمكن أن تجنيها المملكة من التحول الرقمي وهو أحد أهم عناصر التحول الوطني ورؤية 2030، موضحاً في الوقت ذاته أن هذا التحول يحتاج عدداً من العناصر في مقدمها سن اللوائح والأنظمة ووضع خطة استراتيجية للتحول الإلكتروني في الجانب التعليمي.

وقال الدكتور الحسين في حوار مع “أكثر” إن الجامعات في الوقت الحاضر عبارة عن قالب واحد، فلا تكاد تجد اختلافاً إلا فيما ندر، نفس الوكالات والعمادات والأقسام والمواد، نفس التوصيفات والمراجع، والأطر، نفس اللوائح والأنظمة، نفس الخريج مع اختلاف اسم العائلة والمنطقة، محذراً من أنه “إذا كنا سندخل التحول بنفس المعايير والقياسات القديمة، فلن نحقق في هذا المحور التعليمي أي تقدم يذكر”.

ودعا إلى ضرورة تبني عدد من المهام العليا والكبرى أولها سرعة مدارسة ومراجعة الأهداف العليا لسياسة التعليم في المملكة، ومسح المناهج والكتب الدراسية في جميع المراحل التعليمية في ضوء رؤية المملكة 2030 مشدداً على ضرورة تظافر الجهود بين كافة أفراد المجتمع من تحقيق الأهداف المنشودة.

وإلى نص الحوار:

بداية.. كيف ترى التحول الوطني في إطار رؤية المملكة 2030 وبالتحديد في مجال التحول التعليمي؟

أعتقد أن أولى الركائز في التحول التعليمي أن الجامعات عبارة عن قالب واحد، فلا تكاد تجد اختلافاً إلا فيما ندر، نفس الوكالات والعمادات والأقسام والمواد، نفس التوصيفات والمراجع، والأطر، نفس اللوائح والأنظمة، نفس الخريج مع اختلاف اسم العائلة والمنطقة. وإذا كنا سندخل التحول بنفس المعايير والقياسات القديمة، فلن نحقق في هذا المحور التعليمي أي تقدم يذكر. وكثير من العمليات التعليمية لايزال موقفها رمادي، فلا معايير تحدد مسارها ولا مؤشرات ضابطة وحاكمة لها. ثاني الركائز لابد من الموائمة بين محاور ومفاصل التحول والبرامج التي تدرس في الجامعة سواء كانت بكالوريوس أو ماجستير أو دكتوراه، والتكامل بينها وبين ما يقدم من مواد دراسية في التعليم العام، لذلك فتطوير البرامج مطلب رئيس وتنويع المسارات أمر حيوي ولازم. أما ثالث الركائز في التحول فهي إعادة النظر في آليات التقييم الخاصة بكل من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، فليس الاختبار هو الفاصل في التقييم والنجاح، وليس البحث هو الفاصل في الترقية، فلابد من تنويع الأدوات والوسائل المناسبة، والنظر إلى جوانب المهارات بشكل أوسع. رابع الركائز التوسع في توظيف التقنية ودمجها، والاستفادة من التطبيقات الحديثة، ولعل التعلم المدمج وبيئات التعلم الإلكترونية نقلة نوعية. خامس الركائز التحول في صناعة الكتاب المدرسي، فلم يعد الكتاب المدرسي المورد والمصدر الأول للمعرفة، وبالتالي يجب أن يحدث تحولا سريعا في صناعته، ويجب النظر إلى بعض المواد التي يجب أن تنتقل إلى صف المهارات كاللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والحوار والنقاش، كما يجب تخفيف عدد المقررات الدراسية، واستخدام المنحى التكاملي بشكل واسع. سادس الركائز الانتقال إلى نظام الحلقات الثلاثية لسلالم التعليم (٣-٣-٣-٣) بدلا من نظام (٦-٣-٣) فالحلقات الثلاثية فيها تجانس وتقارب في خصائص النمو، مما يساعد على تعليم أفضل.، ويجب أن تكون الحلقة الرابعة حلقة تخصصية يصبح المتعلم فيها في أولى مسارات التعلم الجامعي أو الوظيفي. سابع الركائز المعلم وتفعيل دورة من ملقن ومحاضر، إلى ميسر ومساعد وناشر، والانتقال إلى أطوار التعلم النشط ودوراته الفاعلة، وجعل المتعلم محورا للعملية التعليمة، ويجب المسارعة في إصدار رخصة التدريس. ثامن الركائز دمج هيئات التقويم لرفع مستوى الجودة في هيئة واحدة مستقلة، وتطوير برامج حاسوبية تقدم معايير ومؤشرات وطنية دقيقة ومستمرة، وتطوير آليات القياس بشكل أكبر، ونشر البيانات التنافسية بشكل أكثر شفافية، والعمل على تصنيفها وتحليل نتائجها.

  • ما مدى ملائمة مناهجنا للرؤية الوطنية ٢٠٣٠؟ وهل ستحقق المناهج بوضعها الحالي أهداف هذه الرؤية؟

الحقيقة أن الإجابة ليست بالأمر اليسير، لكنها في نفس الوقت ليست بالأمر الصعب، ففي ظل الدعم المقدم من قيادتنا الرشيدة المباركة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين حفظة الله، والوضوح في وثيقة الرؤية، والخبرات المتوفرة، يكون الجواب أنه بالإمكان الإجابة على ذلك.

إن أولى المهام العليا والكبرى في نظري سرعة مدارسة ومراجعة الأهداف العليا لسياسة التعليم في المملكة، تلك الغايات والمقاصد والأهداف الطويلة المدى، التي يجب أن يعاد صياغتها ومواءمتها مع الرؤية الوطنية ٢٠٣٠ فيجب أن تتسق وتتكامل معها في اتجاه وقالب واحد معزز بدوافع الرؤية ومنطلقاتها وأسس بناؤها، ومعرفة ماذا نريد لطلابنا؟ وماذا نريد لوطننا؟ وثاني المهام في سرعة تحليل الوثيقة (وثيقة الرؤية الوطنية ٢٠٣٠) وتحويلها إلى مصفوفة معيارية متتابعة متماسكة البنيان، قابلة للتحقيق من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الجامعية، وإيجاد منظومة فاعلة لقياس وتقويم تلك المصفوفة عبر بناء مجموعة من المؤشرات المتدرجة للتحقق من تمثيلها التام للرؤية. ثم سرعة مسح المناهج والكتب المدرسية في جميع المراحل الدراسية، وكذلك مراجع المرحلة الجامعية في ضوء معيارية المصفوفة، للتأكد من محتواها المتوفر؛ وما يمكن أن يضاف عليها لتحقق تلك الرؤية الحالمة لبلادنا الغالية. وثالث المهام صياغة الوثائق المرشدة والأدلة المساعدة في ضوء تلك المصفوفة الكبرى، بحيث لا تنطلق عمليات صناعة الكتاب المدرسي في التعليم العام على سبيل المثال، إلا بعد اكتمالها والتأكد من مناسبتها وجاهزيتها، وعرضها على بيوت الخبرة الأقسام الأكاديمية في الجامعات السعودية حيث تحكم ويتم التأكد منها ومن صلاحيتها. ورابع تلك المهام إيجاد المنتجات التعليمية الإثرائية لتلك الكتب المدرسية، والبيئات المشجعة، والأنشطة الداعمة لها.
وكل هذا يحتاج إلى تظافر الجهود بين كافة أفراد المجتمع، في وطننا العزيز، تظافرًا يحقق الإعمار والنهضة والأهداف المنشودة والعيش الرغيد والسعادة المرجوة.

  • التحول الرقمي هو أحد أهم جوانب التحول الوطني.. فماذا يعني وما هي مجالات هذا التحول في الجانب التعليمي؟

التحول الرقمي يعني توظيف التقنية لتكون أداة تعلم وتعليم وتغيير وتطوير وتحسين، وإحلال لكثير من الممارسات التقليدية. ويمكن حصر بعض المجالات التي يمكن أن يجري فيها التحول الرقمي الإلكتروني في الجانب التعليمي كالتالي: التعليم حيث يمكن تحويل كثير من آلياته إلى مسار التعليم الإلكتروني، ويمكن دعم وتأسيس جامعات إلكترونية متخصصة أو عامة، ومعاهد ومدارس افتراضية، بناءً على معايير دقيقة تؤكد جودة التعليم، والنواتج التعليمة المتحصلة.

وكذا بناء المناهج والكتب المدرسية ويمكن تحويل كثير منها إلى كتب إلكترونية تفاعلية حقيقية، وكذلك تحويل بعضها إلى مقررات إلكترونية، وأيضاً التدريب حيث يمكن توظيف التدريب الإلكتروني في مجالات ومحاور متعددة بدلاً من التدريب المباشر المكلف، بالإضافة إلى الأرشفة الإلكترونية لجميع ما يخص المتعلم والمعلم والمشرف والقائد التربوي، في المدارس وإدارات التعليم والجامعات، وكذلك في كافة قطاعات الوزارة، والإشراف التربوي عبر ضبط نظام وآليه الإشراف.

ويضاف إلى ما سبق الجودة وذلك بتحويل كل نماذج الجودة في المجال المؤسسي أو البرامجي إلى نماذج إلكترونية، وتوظيف البرامج الإلكترونية المساعدة لضبط جميع العمليات، ويشمل ذلك ملف البرنامج والمقرر والتوصيف والخطط وغير ذلك، وأيضاً الإرشاد الطلابي أو الأكاديمي عبر غرف أو قنوات خاصة بالمتعلمين وأساتذة المقررات وفيه مكاسب مباشرة، والبحث العلمي وفيه إمكانيات عمل برامج الرصد والدعم العلمي، وبرامج كشف السرقات، والدراسات العليا وفيه تنظيم عمليات التسجيل والدراسة والمناقشة.

ومن هذه المجالات أيضاً التجارب والأنشطة الإثرائية صفية ولا صفية، ومن ذلك الفصل المقلوب، والاستراتيجيات التدريسية الداعمة، والمعارض الفنية الافتراضية، والمتاحف وغيرها، والمكتبات والمراكز والمخازن الرقمية، والموارد البشرية HBR وفيه يدار النظام الإداري من الألف إلى الياء بشكل رقمي إلكتروني، فضلاً عن المنصات الرقمية والإلكترونية، في ضوء مفهوم الموارد التعليمية المفتوحة، وأخيراً الرصد الاجتماعي لبرامج خدمة المجتمع، وما تقوم به الجامعات وأعضاء هيئة التدريس والمعلمين.

  • في رأيك.. ماذا يتطلب التحول الرقمي والإلكتروني في الجانب التعليمي؟

أتصور أنه يحتاج عدداً من العناصر وهى : سن اللوائح والأنظمة وعمليات الحكومة التي تدعم التحول الرقمي الإلكتروني في ضوء منظومة رؤية المملكة ٢٠٣٠ وآليات التحول الوطني، ووضع خطة استراتيجية للتحول الرقمي والإلكتروني في الجانب التعليمي تتماشى مع خطة التحول الوطني، وبناء مجموعة من المعايير ومؤشرات الأداء التي تقيس التحول الرقمي والإلكتروني بشكل دقيق وفعال.
ويضاف إلى ما سبق توفير البنية التحتية التي تدعم التحول الرقمي الإلكتروني، ودعم التحول بالقيادات المدركة للتحول والفوائد المتحققة منه، ودعم التعاون البيني في ضوء منظومة ارتباطية بين قطاعات التعليم، والاستفادة من الجامعات كبيوت خبرة قادرة على توفير الغطاء العلمي والاستشاري ، وكذا الاستفادة من عمادات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد كنماذج جاهزة تمارس الرقمة والأداءات الإلكترونية في جوانب تعليمية وإدارية وإثرائية ، والاستفادة أيضاً من المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد كمركز متخصص في هذا المجال.

  • ما الفوائد التي يمكن أن تحققها المملكة من التحول الرقمي في نظرك؟

نأمل أن نجني من التحول الرقمي الإلكتروني عدداً من الفوائد وهي: تحسين المخرجات والنواتج، ورفع كفاءة التشغيل والإنتاج، وتعزيز جوانب الجودة، ودقة القياس والمعايير، ودعم الموارد التعليمية، والتوسع التعليمي، ودعم الموارد المالية وتعزيز الميزانيات، وتحسين الانفاق وتقليل الهدر المالي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ابدأ المحادثة الان
تحتاج مساعدة؟