وزراء خارجية التعاون الإسلامي يعقدون اجتماعا تحضيريا للقمة الإسلامية بمكة المكرمة
بدأ وزراء الخارجية بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في قصر المؤتمرات بجدة مساء أمس، اجتماعهم التحضيري للدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية برئاسة وزير الخارجية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف.
وبدأ الاجتماع بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم، ألقى وزير الخارجية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، كلمةً رحب فيها بوزراء الخارجية بالدول الإسلامية في المملكة العربية السعودية؛ متمنيًا لهم طيب الإقامة، ولأعمال القمة التوفيق والنجاح.
وأعرب عن شكره لحكومة الجمهورية التركية على ما قامت به من جهود خلال رئاستها للدورة السابقة للقمة الثالثة عشرة للدول الإسلامية، ولمعالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، ولكافة منسوبي الأمانة على الجهود الموفقة التي قاموا بها للإعداد لأعمال هذه الدورة.
وقال الدكتور العساف: “ندرك بأن عالمنا الإسلامي يمرّ بتحديات ومتغيرات بالغة الدقة والخطورة، ومنها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية، وازدياد أعداد اللاجئين والنازحين، وانتشار آفة الإرهاب والتطرف والطائفية التي تتطلب منا وقفة جادة لدراسة أبعادها وتداعياتها من كافة الجوانب، واتباع أفضل السبل الممكنة لمعالجتها ومواجهتها بحزم وقوة من خلال وحدة الموقف والجهود وتكثيفها؛ لضمان استمرار اعتصامنا بحبل الله وعدم تفرقنا”.
وأضاف يقول: “تمرّ الذكرى الخمسون لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي، ولا يزال النزاع مع إسرائيل أبرَزَ التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، وأود أن أؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة العربية السعودية الأولى؛ وبالذات حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة، وفي إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية المؤيدة من قرارات القمم العربية والإسلامية المتعاقبة، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية في تحقيق ذلك”.
وأكد الوزير العساف، أن المملكة العربية السعودية تُولِي اهتمامًا كبيرًا للاستقرار في اليمن الشقيق، وتأسف لاستمرار الانقلاب على السلطة الشرعية من قِبَل الميلشيات الحوثية المدعومة من إيران، الذي يُعَد مثالًا واضحًا على استمرارها في التدخل في الشؤون الداخلية في الدول؛ وهو الأمر الذي يجب أن ترفضه منظمة التعاون الإسلامي لتعارضه مع ميثاقها ومع المواثيق الدولية.
وتابع معاليه قائلًا: إن تلك التدخلات أدت إلى تزايد معاناة الشعب اليمني، مجددين التأكيد على تأييدنا لمساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للوصول إلى الحل السياسي؛ وفق قرارات مجلس الأمن ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، ونتائج اجتماعات ستوكهولم.
وأكد وقوف المملكة العربية السعودية مع جمهورية السودان الشقيقة، ودعم المجلس العسكري الانتقالي والإجراءات التي اتخذها في مصلحة الشعب السوداني الشقيق، وإلى ما يرتئي الشعب السوداني حيال مستقبله.
وشدد على تأييده للخطوات التي أعلن عنها المجلس في الحفاظ على الأرواح والممتلكات؛ معربًا عن أمله في أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية للسودان الشقيق.. وأشار إلى أن الأمة الإسلامية تواجه المشكلات التي تشهدها دول إسلامية على غرار الحاصل في سوريا وليبيا والصومال وأفغانستان، ومثل ذلك فيما يتعلق بالمعاناة والتحديات التي تمرّ بها الأقليات المسلمة في مناطق عديدة من العالم.
وقال: “في المملكة العربية السعودية نقف قلبًا وقالبًا مع كل جهد مخلص يسعى لإيجاد حلٍ سياسي يحافظ على وحدة سوريا ومؤسساتها، وينهي وجود الجماعات الإرهابية الطائفية فيها؛ استنادًا إلى مخرجات جنيف وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسوريا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفيما يتعلق بليبيا، أكد معاليه موقف المملكة الثابت المتمثل في دعمها لسيادة ووحدة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض التدخل الخارجي؛ داعياً جميع الأطراف في ليبيا إلى الوحدة، وقطع الطريق على الجماعات الإرهابية ومحاربتها.
من جهته، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، في كلمته، عن تقديره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو وليّ عهده الأمين -حفظهما الله- على استضافة المملكة العربية السعودية لأعمال هذه القمة واجتماعاتها التمهيدية؛ منوهًا بالدعم الكبير والمتواصل الذي تقدمه المملكة للمنظمة، وإسهاماتها السخية في خدمة القضايا الإسلامية.
وقال: إن التطورات المؤسفة التي تشهدها بعض الدول الأعضاء وتدهور الوضع الأمني والإنساني في الدول التي تحتد فيها الصراعات والنزاعات؛ يدعونا إلى تكثيف مشاوراتنا بمزيد من التنسيق وتكثيف الجهود لإرساء الأمن والسلام في منطقتنا؛ حتى نضمن العدالة والعيش الكريم والتنمية والتطور للأجيال الحالية والقادمة.
وأضاف أن هذه التطورات غير المسبوقة في تاريخنا الحديث؛ على أهمية وقعها على الأوضاع في المنطقة والعلاقات الدولية عمومًا؛ لا يجب في أي حال من الأحوال أن تبعد نظرنا عن قضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية.
وتابع يقول: فهذه القضية التي طال أمدها بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي وإمعانها في الاستهتار بقرارات الشرعية الدولية؛ تستدعي منا مزيدًا من تنسيق الجهود وتضافرها من أجل صياغة موقف دولي ضاغط باتجاه تكريس إرادة السلام، ووضع حد للاحتلال، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي ما فتئت تتعمق وتتفاقم.
وبيّن أن منظمة التعاون الإسلامي تتابع عن كثب وباهتمامٍ بالغٍ، الملفات المتعلقة باليمن، والصومال، وليبيا، وسوريا، وأفغانستان، والعراق، ومالي، والسودان، والجزائر، وغينيا، ونيجيريا، والنيجر، وسيراليون، وكوت ديفوار، وجيبوتي، وجزر القمر، وأفريقيا الوسطى، وغيرها من الدول. وتتابع بقلق عميق الأحداث الدموية ضد أمن شعب جامو وكشمير، وتطورات الأحداث في إقليم ناغورنو كراباخ، وأوضاع الروهينغا، وبخصوص الشعوب المسلمة في قبرص التركية، والبوسنة، وكوسوفو، وأوضاع المجتمعات المسلمة في باقي دول العالم.
وأكد العثيمين أن التطرّف والإرهاب يظل من أكبر المخاطر التي تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط تحديدًا والعالم عمومًا، وتقوّض تلك المخاطر تماسك المجتمعات، وتعطل نمو الدول الأعضاء، وتستنزف طاقاتها ومقدراتها، وشدد على أهمية تنسيق الجهود في مكافحة آفة التطرف والإرهاب والتصدي لكل أشكالها؛ وفق استراتيجية شاملة تراعي الأبعاد الأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفكرية المرتبطة بالإرهاب والتطرف والأسباب المؤدية له، أو المشجعة عليه.
ودعا إلى المزيدٍ من التعاون بين الدول الأعضاء والمجتمع الدولي، لبلورة معالجة شاملة تركّز على محاربة أشكال التمييز والتطرّف والفهم الخاطئ للدين والقضاء على مشاعر الإقصاء والغربة الفكرية والعمل على إشاعة قيم التسامح والاعتدال وتشجيع الحوار بين الثقافات والأديان، وأضاف أن انعقاد القمة الإسلامية في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم، وعلى هذه الأرض الطيبة المقدسة؛ يعكس حرصًا واضحًا من المملكة العربية السعودية، بالتعاون والتنسيق مع بقية البلدان الإسلامية، على بلوغ هذه الأهداف والنهوض بواقع عالمنا الإسلامي والارتقاء به إلى المكانة التي هو بها جدير.
ودعا كافة الدول الإسلامية إلى مواصلة الدعم المالي للمنظمة، ومختلف أجهزتها؛ لتتمكن من تنفيذ ومتابعة كل الخطط والبرامج التي تم إقرارها، مجددًا التقدير وعميق الامتنان للمملكة العربية السعودية، على استضافتها لأعمال هذه القمة، وما وفرته من إمكانات لضمان نجاحها.
عقب ذلك بدأت الجلسة المغلقة للاجتماع.