جدة تستقطب كبريات شركات التطوير العقاري في معرض العقارات الدولي
شهدت المملكة العربية السعودية، تغييرات جذرية خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل التوجهات التي تنتهجها الحكومة، بتنويع مصادر الدخل، من خلال اعتماد العديد من القوانين والتشريعات الاقتصادية، التي تتيح للمواطنين والمقيمين ورجال الأعمال الاستفادة من الفرص الاستثمارية، التي توفرها العدد من المشاريع التنموية، والتي يُعتقد أنها سترفد مختلف القطاعات الاقتصادية لا سيما قطاعي العقارات والسياحة.
وضمن خططها التنموية خصصت وزارة الإسكان السعودية أكثر من 59 مليار ريال سعودي، لإنفاقها على مبادرات سكنية جديدة خلال السنوات المالية الخمس المقبلة ، تشمل توفير برامج ادخار مدعومة تمكن المواطن من امتلاك منزله الخاص بتوفير جزء من دخله الشهري، وتشجيع شركات التطوير العقاري في القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع الإسكان، عبر الاستفادة من تراخيص المسار السريع وحزم التمويل الخاصة، بالإضافة إلى إقامة شراكات مع مطوري القطاع الخاص لتطوير الأراضي الحكومية في مشاريع إسكان واسعة النطاق.
ويأتي توجه السعودية التنموي في إطار رؤية 2030 وإطلاق برنامج التحول الوطني ، الذي يدخل ضمن أهدافه مضاعفة التمويل الإسكاني بما يتناسب مع تلبية احتياجات المواطنين وتخصيص ميزانيات مالية كبيرة لتطوير عدد من المناطق السكنية والمجتمعية في الجبيل وينبع ورأس الخير. مما يتيح توفير المزيد من الفرص العقارية خاصة السكنية منها في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى توجهات وزارة الإسكان بمنح المقيميين ملكية العقارات لدفع نمو القطاع العقاري .
ويمتلك السوق العقاري في المملكة العربية السعودية، التي تحتفظ بثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، نظرة مستقبلية شاملة تمثلت في تنفيذ العديد من مشاريع الإصلاحات الاقتصادية انسجاما مع البرنامج الاقتصادي لرؤية المملكة 2030، ومن أبرز تلك المشروعات مبادرة صندوق الاستثمارات العامة ووزارة الصحة السعودية بإطلاق الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التي تهدف إلى زيادة ملكية المنازل أكثر من 50٪ قبل حلول عام 2020، حيث قدمت أكثر من 280،000 منتجًا خلال عام 2017 شملت 85،000 قرضًا ميسّرًا و 77،000 أرضاً سكنية متطورة، فضلا عن 120،000 وحدة سكنية.
ويتوقع أن تشهد المملكة السعودية نشاطاً تنموياً شاملاً في مختلف القطاعات الاقتصادية، وخصوصاً قطاع الإنشاءات حيث تدل المؤشرات إلى نمو سوق العقارات في كبريات المدن السعودية، كالرياض التي ينتظر أن تحقق نمواً نسبته 50٪ ، وجدة 43٪ ومكة 43٪، الأمر الذي يجعل من السعودية المنصة الاستثمارية العقارية المقبلة لجميع الشركات المحلية والدولية.
وبين المدن التي تشهد تطوير العديد من المشاريع الاستثمارية الرائدة، مدينة جدة التي تعد ثاني أكبر مدينة في المملكة العربية السعودية، بحسب إحصاءات التعداد السكاني، حيث تشير التوقعات الإحصائية إلى استمرارية زيادة أعداد السكان بمعدل 2.5 % سنويا حتى بلوغ عام 2022.
ومن المشاريع الإنشائية الكبرى التي ستشهدها مدينة جدة، انطلاق أعمال مشروع إعادة تطوير الواجهة البحرية في وسط كورنيش مدينة جدة، الذي أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، إلى جانب عدد من المشاريع العقارية والسياحية الكبرى الأخرى.
ويهدف المشروع إلى تحويل مدينة جدة التي تقع على ساحل البحر الأحمر، إلى منطقة حيوية ووجهة سياحية وسكنية وتجارية فريدة، من شأنها تعزيز أوجه الاستثمار العقاري والسياحي، وتنويع الاقتصاد، بما يتماشى وطموحها لأن تصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم.
كما يسهم المشروع في تطوير منطقة حيوية مناسبة للترويح عن النفس والترفيه والتسوق، مما سيجعلها وجهة فريدة لمختلف فئات المجتمع من السكان والزائرين، فيما يقدر إجمالي مسطحات البناء في المشروع بأكثر من 5 ملايين متر مربع، تتسع لأكثر من 58 ألف نسمة.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تعزز هذه المشاريع النوعية، المناخ الاستثماري في مدينة جدة، لا سيما أن الملائة المالية للمشاريع تصل إلى عشرات المليارات، إذ يقدر مشروع تطوير الكورنيش وحده، والذي ينطلق العمل به خلال الربع الأول من 2019 ويستمر لعشر سنوات، بنحو 18 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل 4.8 مليار دولار.
ولفت الخبراء إلى أن أهمية هذا المشروع لا تنحصر في إيجاد أكثر من 36 ألف فرصة عمل جديدة فحسب، بل تأتي تماشياً مع رؤية المملكة 2030 الرامية إلى توفير فرص استثمارية تساهم في تنمية القطاع الخاص، وتعزيز مستويات الجذب السياحي، بالإضافة إلى تعزيز تنمية قطاع السياحة والضيافة والترفيه.
ويؤكد الخبراء أن شروع البحر الأحمر الذي أعلنت عنه المملكة، يفتح الباب على مصراعيه، لمختلف الشركات العاملة في قطاع الإنشاءات استغلال الفرص الاستثمارية الفريدة التي يوفرها هذا المشروع، على جانب غيره من المشاريع، التي باتت تمثل علامة فارقة على صعيد القطاع العقاري والسياحي في العالم.
وقال داوود الشيزاوي، رئيس مجلس إدارة شركة استراتيجي، المنظمة لمعرض العقارات الدولي “وسط النقلة النوعية في المشاريع العقارية والسياحية التي تشهدها مدينة جدة، جاء قرارنا بالاستفادة من هذا المناخ الاستثماري المتميز، الذي يتوقع له تحقيق نسب نمو عالية خلال السنوات القليلة المقبلة من خلال تنظيمنا لمعرض العقارات الدولي للمرة الأولى، في مدينة جدة السعودية في 17 يناير 2019 الجاري”.
وأضاف الشيزاوي ” منذ الإعلان عن تنظيمه في مدينة جدة، شهد المعرض طلبات للمشاركة من نحو 15000 مشارك ، و 75 عارضاً من 15 دولة، من مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعكس المكانة التي باتت تمثلها المدينة الساحلية، على خارطة القطاع العقاري الدولي، والذي يسهم بدوره في تعزيز المناخ السياحي، ويوفر الألاف من الفرص الاستثمارية النوعية التي تبحث عنها شركات التطوير العقاري، والشركات العاملة في السياحة”.
وأوضح الشيزاوي أن رؤية المملكة وأهدافها تعزز التوجه نحو تنويع مصادر الدخل، التي تسهم في رفع الناتج المحلي إلى 35% بمساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إحياء المشاريع الحيوية لجدة التاريخية، الأمر الذي سيرفع نسبة مشاركة المرأة إلى 30% كما هو مخطط له في رؤية المملكة، بالإضافة إلى تعزيز دور السياحة في النواتج الإجمالية للمدينة والدولة، باعتبارها أحد الاهداف التي تسعى المملكة إلى توظيفها، وهو ما يتناغم مع أهداف المعرض العقاري الدولي، الذي يعتبر بمثابة منصة للمطورين العقاريين والبنوك ورجال الأعمال، ومختلف الجهات الباحثة عن استثمار رؤوس أموالها في الفرص الاستثمارية الفريدة التي توفرها مدينة جدة.
ويسهم تطوير المشاريع العقارية في رفد القطاع السياحي باعتباره من أهم الركائز التي يعتمد عليها اقتصاد العديد من الدول، نظراً لحجم مساهمته الكبير في الدخل القومي حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى وصول عائدات السياحة الدولية خلال العام 2015 إلى نحو 1.5 تريليون دولار أنفقها نحو 1.2 مليار سائح، بل وأصبحت السياحة تساهم بما نسبته 15% من مجموع الإنتاج المحلي العالمي، وتوفر حوالي 11% من مجموع فرص العمل في العالم.
يشار إلى أن الحكومة السعودية أطلقت العديد من المبادرات التي تهدف على دعم القطاع العقاري، حيث أعلنت في يونيو 2016 عن إعفاء أصحاب الأراضي البيضاء من الرسوم لمدة سنة من تاريخ إصدار قانون الرسوم لإنجاز تطوير الأرض أو بنائها لتجنب دفع الرسوم المفروضة، ثم افقت في نوفمبر منالعام ذاته لى تسجيل وإدراج وحدات صندوق الرياض ريـت من قبل هيئة السوق المالية، كما أعلنت في يناير 2017 زيادة نسبة ملكية الأسر للمنازل، فيما أطلقت في فبراير 2017 برنامج “سكني” وهو مبادرة وزارة الإسكان، وأتبعته في مايو 2017 بإطلاق برنامجي وافي الإلكتروني “البيع على الخارطة”، وفي اكتوبر من ذات العام بإنشاء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري.