“المنظور السعودي والأوروبي حول التسامح الديني والتنوع”.. محاضرة بمركز الملك فيصل للبحوث
نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي لدى المملكة، حلقة نقاش ومحاضرة حول التسامح الديني، تحت عنوان “التحديات والفرص لتعزيز التسامح الديني” حيث أقيمت حلقة النقاش في معهد الفيصل الثلاثاء الماضي، وامتداداً لها أقيمت محاضرة “المنظور السعودي والأوروبي حول التسامح الديني والتنوع”، التي شارك فيها معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، ومؤسس المعهد الأوروبي لدراسات الإسلام الدكتور مايكل بريفت، وبحضور الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الدكتور سعود السرحان، وعدد من الدبلوماسيين والأكاديميين والباحثين والمثقفين، وذلك في قاعة المحاضرات بمبنى مؤسسة الملك فيصل الخيرية.
وفي بداية المحاضرة، التي قدمها سمو الأمير الدكتور عبدالله بن خالد بن سعود الكبير رئيس إدارة البحوث ورئيس وحدة الدراسات الأمنية في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ثمن سفير الاتحاد الأوروبي ميكيلي دورسو جهود كبار العلماء المسلمين في وثيقة مكة المكرمة التي تعزز القيم الإنسانية النبيلة وتسهم في بناء جسور المحبة بين الأديان والثقافات المختلفة، مشدداً على أننا نتواصل كبشر بعيدًا عن الدين والثقافة، موضحاً أن أوروبا أصبحت أكثر تعددية فهي مزيج من الأديان والعادات والثقافات مما أسهم في تقوية التسامح والاحترام والتعايش المشترك.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي : لدينا شراكة عميقة مع مركز الملك فيصل للبحوث في مجال التسامح الديني والتنوع، وهذه بداية وليست نهاية في مجال التسامح الديني والتنوع الثقافي، فالمركز يبني على إرث الملك الفيصل الراحل فيما يخص تعزيز مبادئ التسامح الديني.
من جهته، أوضح الدكتور محمد العيسى، أن التسامح من أهم القضايا الفكرية والثقافية بل والسياسية والاجتماعية في عالمنا اليوم؛ نظراً للجدليات التي تثيرها، مفضلاً استخدام مصطلح السماحة الإسلامية عن التسامح لأن السماحة فضيلة مطلقة وليست مقيدة كالتسامح، مشيراً إلى أن السماحة في الشريعة تنص على احترام الآخرين والوجود الانساني والأخوة الإنسانية وأيضاً احترام التنوع والاختلاف والتعددية كسمة كونية لا يمكن التصادم معها، وأن 10% من مكتسبات الإنسانية تكفى لصنع التسامح واحترام التنوع ولكن المشكلة في البعد وعدم الحوار، مؤكداً أن هناك بعض العلماء لم يستوعبوا مفهوم السماحة.
وأضاف: “القرآن لم يكن ضد وجود الأديان الأخرى بل عقد معهم الاتفاقيات والمعاهدات وأسمى اليهود والمسيحيين أهل الكتاب وأحل طعامهم وأجاز الزواج منهم، ومثال على ذلك وثيقة المدينة المنورة التي عقدها الرسول مع اليهود في المدينة وكان وقتها في موقف قوة وهذا دلالة على احترام الإسلام للاختلاف ووجود الأديان, حيث شكلت تشريعاً لتعامل المسلمين مع الأقليات، مشدداً على أن بعض آيات القرآن تحدثت عن جزء من أصحاب الأديان وليس الجميع، مبيناً أن الأزمة الحالية هي أزمة فهم واحترام بجانب مشكلة تفسير البعض للقرآن دون علم شرعي فالمطلوب لذلك عالم راسخ حسب تعبيره”.
وأشار العيسى إلى أن سماحة الإسلام لا تختزل في مفهوم كاتب أو محاضر أو تغريدة أو مؤلف أو تحليل، موضحاً أنه اطلع على بعض كتابات الغربيين وبعض من أصحاب تلك الكتابات لا يفهمون شيء عن الإسلام، وطالب إياهم بالدراسة والبحث.
وزاد: “وقعت رابطة العالم الإسلامي العديد من الاتفاقيات في مجال التسامح والتعددية ومنها؛ اتفاقية مع الفاتيكان وقعت في الرياض، وأخرى للحوار والتسامح الديني مع القيادات اليهودية والمسيحية في باريس مؤخرا، واتفاقية مع الكنيسة في روسيا الاتحادية، وأيضاً وقعنا اتفاقية مع أكبر ثلاث مؤسسات يهودية مستقلة في أمريكا”.
فيما أفاد الدكتور مايكل برفت، أن المجتمعات الأوروبية حررت التعامل مع الأديان والدول الأوروبية يتساوى أمامها كل الأديان أو عدم وجود الأديان، وأن الاتحاد الأوروبي تميز بالتعددية الثقافية والدينية، مبيناً أن المسلمين بشكل عام لم يحسنوا التعامل مع المجتمعات الأوروبية ولا حتى المسلمين من الجيل الثاني والثالث الأقل تدينًا حيث يتم التعامل معهم على أنهم غير مؤمنين.
وقال برفت: “اعتنقت الإسلام قبل سنوات، وهناك فجوة عميقة في تفسير الدين وهو ما يستغله المتشددون ونحتاج للتعددية وهي توجه إسلامي وقرآني وأيضًا مبدأ العدالة الإلهية، ومن الضروري البدء باحترام حقوق الإنسان والعدالة والرحمة والمشاركة واحترام الآخر وليس تجنبه، كما هي الحالة التي نراها في أغلب المجتمعات الإسلامية، فجوهر معنى الدين هو الشورى وتبادل الآراء، والقرآن يدعو للتحالف مع الأديان والثقافات الأخرى ويجب البناء على هذه الآيات ونحن لا نبني إسلامًا جديدًا بل نفتح أبوابًا وإمكانات جديدة للدين”.