مشاركون في ملتقى دارين الثقافي يؤكدون أهمية الدور الحضاري للمنتديات الثقافية
المشاركون في ملتقى دارين الثقافي الثاني خلال جلساته الذي ينظمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية ، تحت عنوان ” المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة .. المنجز وآفاق المستقبل” ، على أهمية الدور الحضاري للمنتديات الثقافية والأدبية باعتبارها أحدة أبرز أدوات الدبلوماسية الثقافية في العالم ، مبينين بأن الفعاليات الأدبية والثقافية تعكس الصورة المشرقة لأي بلد .
وأوضح رئيس الجمعية التركية العربية الدكتور محمد العادل ، خلال مداخلته في الندوة الثانية للملتقى ، بأن النوادي الأدبية والمؤسسات الثقافية الأهلية” الديوانيات ” في المملكة العربية السعودية ، تعتبر منارات ثقافية يتجاوز عطائها وتأثيرها الثقافي حدود المملكة ، حيث تحقق إشعاعا علميا وثقافيا بارزا في الساحات العربية والإسلامية ، داعياً إلى ضرورة ترجمة موسوعة الأدب السعودي إلى اللغة التركية من أجل تعريف المثقفين الأتراك بالتراث الأدبي والفكري السعودي ، مشيرا إلى أن المكتبات التركية خاصة في الجامعات تحتاج إلى هذا النوع من الكتب والمراجع . ونوه العادل بالدور الريادي الذي تقوم به المملكة في خدمة الثقافة واللغة العربية في أنحاء العالم ، مشيرا إلى دعم العديد من الهيئات والجامعات السعودية لبرامج تعليم ونشر اللغة العربية في المؤسسات التعليمية التركية ، مبيناً أهمية تعزيز التعاون الثقافي بين العرب والأتراك وبناء جسور للتواصل والتعاون بين الأدباء والشعراء ورجال الفكر والثقافة والإعلام ، مؤكدا ضرورة تنشيط حركة الترجمة من اللغتين العربية والتركية ، مثمناً مبادرة ملتقى دارين الثقافي ودعوته إلى اجتماع تنسيقي لممثلي المؤسسات الثقافية ، مؤكدا أن خطوة مهمة لتحقيق المزيد من التنسيق وتفعيل التعاون بين أهل الثقافة والفكر.
و في ختام مداخلته دعا العـادل ، إلى أهمية تنظيم مهرجان دوري للثقافة العربية في تركيا ، يكون محطة ثقافية سنوية تتيح للبلدان العربية التعريف بموروثها الثقافي للأتراك ، مؤكدا استعداد الجمعية التركية العربية لتبني هذا المشروع الثقافي في الساحة التركية . فيما رصد عضو الجمعية العمومية بنادي جدة الثقافي الأدبي الدكتور يوسف العارف ؛ في ورقة بعنوان ” الصالونات الثقافية (بجدة) ودورها الثقافي ” أسبوعية القحطاني أنموذجاً ” الأبعاد الثقافية التي تقوم عليها الأسبوعية ) الأنموذج في سياق الصالونات الثقافية بجدة ، وفي ظل الانبثاقات التاريخية والحضارية لهذا النوع من المصادر المعرفية والتثقيفية ، ويأتي ذلك ضمن المحور الثاني من محاور ملتقى دارين الثقافي” المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة وإسهاماتها في خدمة الحركة الإبداعية والثقافية “، مؤكداً أهمية الصالونات الثقافية وبداياتها ومسمياتها كمجالس علمية ثقافية أو منتديات وأبرز تشكلاتها منذ الدولة الأموية وما بعدها من الدول والحكومات .
وحددت الدكتورة نور عيسى الهندي من جامعة الملك فيصل الإطار القانوني لمؤسسة عبد الحميد شومان ، التي تتميز بقوانين وأنظمة واضحة مستقرة ، مشيرة إلى دور القوانين والأنظمة في تسيير هذه المؤسسة ، حيث جاءت لتحقق هدفها النهائي وغايتها المنشودة ، إذ إنها الركيزة الأولى في تقدمها واستمرارها ، وبالنظر في القوانين التي انتظمت هذه المؤسسة تبين أنها قوانين وأنظمة تنسرب في مسربين ؛ قوانين داخلية تحكم خط سيرها الداخلي ، وتنظم العمل الإداري اليومي داخلها ، عن طريق اللوائح والقوانين الداخلية والاجتهادات الإدارية ، وقوانين خارجية تنظم علاقة المؤسسة بالمجتمع المحلي والدولة يبتعثها القوانين المنظمة لعمل الجمعيات الخيرية والقوانين العامة الناظمة للشأن العام . من جانبه تحدث أستاذ الأدب الحديث في جامعة القصيم الدكتور إبراهيم المطوع ، عن جهود مركز صالح بن صالح الاجتماعي في خدمة الحركة الإبداعية والثقافية ، مبيناً أن هذا المركز يأتي ضمن منظومة الجمعية الخيرية الصالحية في عنيزة ، التي أُنشئت في عام 1403هـ ، على يد عددٍ من تلاميذ الأستاذ صالح بن صالح ، تخليداً ووفاءً لأستاذهم ، ومن باب الاعتراف بالجميل لذلك المربّي الذي تخرّج من مدرسته الرائدة أعدادٌ من الطلاب الذين تسنّموا مناصب وأعمالاً هامةً في الدولة ، ويرأس مجلس إدارتها عبدالله العلي النعيم ، مشيراً إلى أن المركز أخذ على عاتقه منذ تأسيسه القيام بدور ثقافي وأدبي وعلمي ، وأخذ يتنامى دوره هذا مع السنوات ، وهذا البحث “يستعرض ” و” يحلل” و” يقيّم ” الإسهامات والجهود التي يقوم بها المركز . من جهته أشار محمد بن زعير في ورقته ” المبادرات الثقافية الشبابية.. الواقع والمأمول” إلى أن الشباب يبحث عن قنوات معرفية وثقافية تتيح لهم حركة أكبر للتحرك ، ومساحة أوسع لتطلعاتهم حيث نهض كثير من الشباب السعودي إلى إنشاء مبادرات ثقافية ، وقد أدّت هذه المبادرات دوراً ثقافياً مهماً ، وخاصة أنها تستهدف فئة الشباب الذي ينجذب إلى من هم في جيله أكثر من ميله إلى الجهات الثقافية الحكومية والرسمية ، وقدّمت لهم قنوات ثقافية ومساحات يلتقون خلالها ويتبادلون الأفكار ، وأتاحت لهم مظلة للقاءات الأدبية .
وتطرق الباحث الثقافي نايف كريري إلى”تحوّلات الخطاب الإعلامي المعاصر ومستقبل المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة” ، مشيراً إلى أنه برزت في الآونة الأخيرة وسائل إعلامية جديدة تتخذ من الإنترنت منصتها الرئيسية ، وأصبحت تمثل ظواهر إعلامية حديثة لها سطوتها وتأثيرها على مختلف الجوانب المتعلقة بالثقافة ، والأدب ، والاجتماع ، والسياسة ، والاقتصاد ، والرياضة ، وغيرها ، من الجوانب الأخرى ، مبيناً بأنه استطاعت هذه الوسائل الإعلامية الحديثة أن تزاحم الوسائل الإعلامية التقليدية ، بل وأن تتفوق عليها في بعض الأوقات ، وحظيت بمتابعة جماهيرية واسعة ، واستطاعت أن تؤثر في طبقات اجتماعية مختلفة ، وتصل إلى مواطن كانت تمثل إحدى الصعوبات التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية ، ولهذا برزت وسائل الإعلام الجديد لتشكّل خطاباً إعلامياً معاصراً له ملامحه وصوره وأساليبه الخاصة التي انعكست على الواقع بكافة جوانبه ، وأثّرت فيه بمختلف طبقاته ، وغدا هذا الخطاب الإعلامي المعاصر محطّ كثير من الدراسات والبحوث والمؤتمرات والندوات . وأشار إلى أن المؤسسات الثقافية الأهلية ، والخاصة تعد واحدة من أهم المؤسسات التي تشكل الواقع الثقافي في مجتمع ما ، وتسهم في توجيه دفّة الحركة الثقافية والأدبية والفكرية ، ولذا يعدّ اهتمامها بجوانب الإعلام المختلفة .
بدوره ، تناول إبراهيم شحبي ، في ورقته عن المؤسسات الأهلية والخاصة ، تباين الرؤى وتفاوت التأثير ، بعض الآراء المتباينة حول تلك المؤسسات بين مؤيد ومعارض لوجودها والخلاف حول أهمية دورها من خلال بعض ما طرح في الصحافة الورقية المحلية وبعض العربية ، وكذا بعض الصحف الإلكترونية منذ سنوات إلى اليوم ، وتخلص الورقة إلى فاعلية دور هذه المؤسسات الأهلية لكونها قد حققت الكثير للثقافة والإبداع فأخذ بعضها بأيدي الشباب إلى مدارج الثقافة ، وساهم بعضها في تعريف الأجيال بالرموز الأدبية والثقافية وتكريمهم ، وحظي كثير من تلك المؤسسات باهتمام الدارسين والباحثين على مر العصور ، وحقق بعضها حضوراً تاريخياً لا يغيب عن الذاكرة . وتناقش الورقة بإيجاز بعض العوائق الرسمية والمالية لبعض هذه المؤسسات وأثر ذلك في تحقيق أهدافها .
واستعرض أحمد الغامدي عن دور أرامكو ومسؤوليتها الثقافية ، مبيناً بأن أرامكو لم تكن شركة الزيت الأولى والبوابة الاقتصادية الأساسية في المملكة العربية السعودية وحسب ، بل كانت شركة واعية بواجباتها الثقافية التي لم تكن منفصلة عن واجبات أخرى ، من أهمها الاجتماعية المتمثلة في إقامة المهرجانات والمعارض الفنية في مختلف مدن المملكة وتأسيس مركز الملك عبدالعزيز الثقافي وتدشين برنامج إثراء، والتعليمية المتمثلة في بناء المدارس وإقامة المراكز الصيفية لتدريس اللغة الإنجليزية ، والترفيهية المتمثلة في إقامة النوادي الرياضية والتي يتخللها مكتبات وصالات للسينما.