أكثر أنواع السعادة شيوعًا وأكثرها دوامًا
هناك اختلاف بسيط بين شخص وآخر، لكن هذا الاختلاف البسيط من شأنه أن يؤدي لإيجاد فارق كبير بين كل فرد والآخر!
الاختلاف البسيط هو التوجه. أما الفارق الكبير فهو ما إذا كان هذا التوجه إيجابيًا أم سلبيًا.
إن من يريدون الحصول على السعادة يتبنون توجهًا ذهنيًا إيجابيًا ويتأثرون بجانب التوجه الذهني الإيجابي من تميمتهم. وبهذا يجذبون السعادة نحوهم. أما من يتبنون التوجه الذهني السلبي فيتسببون في إتعاس أنفسهم. فهم لا يجذبون السعادة، بل يصدونها عنهم.
“أريد أن أكون سعيدًا…” هناك أغنية شهيرة تبدأ بكلمات على قدر كبير من الصحة: “أريد أن أكون سعيدًا، لكني لن أكون سعيدًا حتى أجعلك سعيدًا أولاً!”.
من السبل المؤكدة للحصول على السعادة أن تكرس كل طاقتك نحو محاولة إسعاد شخص آخر. السعادة شيء مؤقت يعذر على المرء إيجاده. لكن إذا حاولت إسعاد الآخرين، فستأتيك السعادة من تلقاء نفسها.
تخبرنا الكاتبة كلير جونز، زوجة الأستاذ بقسم علوم الدين بجامعة أوكلاهوما سيتي، عن السعادة التي شعرا بها خلال حياتهما الزوجية. فتقول: “لقد عشنا في بلدة صغيرة خلال العامين الأولين لزواجنا، وقد كان جيراننا زوجين كبيرين في السن. كانت الزوجة عمياء تقريبًا وقعيدة على كرسي متحرك. أما الرجل، والذي لم يكن في صحة طيبة هو الآخر، فقد كان يتولى العناية بالمنزل وبها.
“كنت أقوم مع زوجتي بتزيين شجرة عيد الميلاد، وقررنا أن نهدي جيراننا هؤلاء شجرة مزخرفة. وبالفعل اشترنا لهما شجرة صغيرة وزيناها بالأضواء وأحضرنا لهما بعض الهدايا وذهبنا بها إليهما.
“بكت السيدة العجوز بينما كانت تحدق بصعوبة في الشجرة المتلألئة. وقال زوجها أكثر من مرة: “لكننا لم نحصل على واحدة لسنوات”. وقد ذكرا أمر هذه الشجرة في كل مرة أتينا فيها لزيارتهما خلال العام التالي.
“وفي العام التالي كان الاثنان قد رحلا من منزلهما الصغير. لقد فعلنا لهما شيئًا صغيرًا. لكننا شعرنا بسعادة بالغة لما فعلناه”.
إن السعادة التي شعرا بها نتيجة فعلهما الرحيم هذا كانت شعورًا عميقًا دافئًا لذكرى ستظل معهما على الدوام. لقد كانت نوعًا مميزًا من السعادة يأتي فقط لهؤلاء الذين يقومون بأفعال رحيمة.
لكن أكثر أنواع السعادة شيوعًا وأكثرها دوامًا هو حالة الرضا: وهي الحالة التي لا يكون فيها الفرد سعيدًا أو تعيسًا.
فأنت تكون شخصًا سعيدًا حين تسيطر عليك حالة عقلية إيجابية تشعر فيها بالسعادة، وتلك الحالة تكون ممتزجة بحالة عقلية محايدة تكون فيها غير تعيس.
بإمكانك أن تكون سعيدًا أو راضيًا أو تعيسًا. والخيار متروك لك. والعامل الفارق هنا هو إذا ما كنت واقعًا تحت تأثير التوجه الذهني الإيجابي أم السلبي. وبمقدروك السيطرة على هذا العامل.
الإعاقة لا تمنع الوصول للسعادة. إذا كان هناك شخص يحق له أن يشكو من التعاسة، فإن هيلين كيلر هي ذلك الشخص. لقد ولدت صماء بكماء عمياء محرومة من المعرفة بسبل التواصل الطبيعية مع الأشخاص من حولها، ولم تكن لديها سوى حاسة واحدة هي حاسة اللمس تستطيع من خلالها التواصل مع الغير والإحساس بالسعادة النابعة من حبها لهم وحبهم لها.
لكنها تواصلت بالفعل مع الآخرين، وبمساعدة معلمتها المخلصة العبقرية التي تواصلت معها بكل حب استطاعت هيلين كيلر الصماء البكماء العمياء أن تكون امرأة عبقرية مرحة سعيدة. وقد كتبت الآنسة كيلر ذات مرة تقول:
“إن أي شخص يتحدث كلمة طيبة نابعة من قلبه، أو يعطي ابتسامة حنونة أو يذلل لشخص آخر الصعاب التي تكتنف طريقه يعرف أن السعادة التي يشعر بها تكون جزءًا أساسيًا من ذاته يعتمد عليه في الحياة. هل توجد متعة تساوي متعة التغلب على الصعاب التي كانت فيما مضى تبدو مستحيلة القهر وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز؟
إذا تريث من يجرون وراء السعادة للحظات قليلة وفكروا لوجدوا أن السعادة التي يعيشونها بالفعل لا تعد ولا تحصى كالعشب الموجود تحت أقدامهم أو قطرات الندى المتجمعة على زهور الصباح”.
- النجاح من خلال التوجه الذهني ، مكتبة جرير