يعد المجال التطوعي في المملكة العربية السعودية من أهم المجالات التي حظيت باهتمام قادة هذه البلاد المباركة. 

ويأتي هذا الاهتمام امتدادا لواقع العمل التطوعي ومكانته في الإسلام , وقد حث القرآن الكريم على التطوع , في قوله تعالى : (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) 114 النساء.  

فجاءت جملة ( ابتغاء مرضاة الله ..) لتبين لنا أهمية التطوع في الإسلام , والأجر العظيم الذي فضله الله لعباده نظير هذا العمل الإنساني .

 وهناك أمثلة وقدوات في العمل التطوعي منها:-

 1- مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام مع عمومته حلف الفضول .

 2- مشاركة النبي في بناء المسجد النبوي .

 3- عمل عمر بن الخطاب مع زوجته أم كلثوم في مساعدة امرأة في المخاض .

 والامثلة كثير جدا في العصور الاولى والمتوسطة والأخيرة , وهذا دلالة على أن مبدا التطوع متأصل في أرواحنا كما انه متأصل في ديننا الاسلامي .

 وفي الاديان السماوية الاخرى ورد الحث على العمل التطوعي في الانجيل والتوراة , حتى الملحدون لديهم مبدأ عمل الخير.

 يتضح مما سبق أن عمل الخير غريزة في الانسان وأنه طبيعة بشرية محضة , ومن يخالف هذه الطبيعة يعد شاذا لا يقاس عليه .

وحال العالم المتطور مع العمل التطوعي والاجتماعي.

يوجد 4000 مركز في بريطانيا وحدها او تزيد قليلا ، يشترك فيها أكثر من 5 مليون عضو ، ويعمل فيها رسميا 250 ألف موظف ، ويرجع تاريخها إلى ما يقارب 120 عام … وفي أمريكا 95 مليون متطوع للعمل الخيري والاجتماعي ، يشاركون بمعدل 4 ساعات أسبوعية في مجالات خيرية واجتماعية مختلفة “

في أمريكا وحدها أكثر من 1,6 مليون جمعية أي بمعدل جمعية لكل 180فرد وفي بريطانيا 350 الف جمعية وفي فرنسا 600 الف جمعية أي بمعدل جمعية لكل 97 فرد .

أما على صعيد المؤسسات بدأ العمل التطوعي بشكل احترافي أو مؤسسي في المملكة بعد إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1380هـ (( والتي تم دمجها مع وزارة العمل واصبحت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 2016م )) , ثم توالت الإنجازات حتى تم إنشاء أول مركز لتنمية المجتمع في بلدة الدرعية في منطقة الرياض , فكان من دورها مساعدة المتطوعين على تحقيق واجب ديني واجتماعي وإنساني , ومن هنا بدأ الاهتمام بالعمل التطوعي في المملكة وخلال 55 سنة الماضية وكل عام يتطور العمل التطوعي ويزيد احتراف ومكانة في المجتمع الى أن قارب في الوقت الحاضر على أن يصبح ثقافة مجتمع , فالتطوع يخدم المجتمع على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

ولانتشار العمل التطوعي في الوقت الحاضر وتشعبه أتت فكرة تطوع المحترفين , وهي جعل المتطوع المحترف يتطوع في ما يحترف فيه وبذلك يكون أفاد نفسه وأفاد الجهة المتطوع فيها .

 والأمثلة على ذلك كثيرة كقيام محترف في التسويق لعمل خطة تسويقية في أحد الجمعيات, فبالتالي تلقائيا يكون هذا المحترف قد خدم الجمعية بما يستطيع عمله من جهة , ومن جهة أخرى وفر على الجمعية مبالغ لا تستطيع دفعها لمحترف آخر في هذا المجال , فهذه الفكرة مفيدة للجمعيات والقطاع الخاص والمجتمع والمتطوع .